خاطرة ـ لإبن الجوزي ـ بعنوان : (( فصل : حلاوة الكفاح في سبيل الحق ))
بالله
عليك يا مرفوع القدر بالتقوى ؛ لا تبع عزها بذل المعاصي ، وصابر عطش الهوى
في هجير المشتهى وإن أمض وأرمض !! ، فإذا بلغت النهاية من الصبر ؛ فاحتكم
وقل ، فهو مقام : ( من لو أقسم على الله لأبره ).
تالله لولا صبر عمر ما انبسطت يده بضرب الأرض بالدرة ، ولولا جد
أنس بن النضر في ترك هواه ، وقد سمعت من آثار عزمته : ( لئن أشهدني الله
مشهداً ؛ ليرين الله ما أصنع ) ، فأقبل يوم أحد يقاتل حتى قتل ، فلم يعرف
إلا ببنانه !! ، فلولا هذا العزم ما كان انبساط وجهه يوم حلف : ( والله
لا تكسر سن الربيع ).
بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهى ؛ فإنها : ( شجرة تثمر عز
الدنيا، وشرف الآخرة ) ، ومتى إشتد عطشــــك إلى ما تهوى ؛ فابسط أنامل
الرجاء إلى من عنده الري الكامل ، وقل : ( قد عيل صبر الطبع في سنيه العجاف
، فعجل لي العام والذي فيه أغاث وأعصر ) .
بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة ، ثم
عرضت له فتنة في الوقت الأخير ، كيف نطح مركبه الجرف ؛ فغرق وقت الصعود !!
، أف والله للدنيا ، لا بل للجنة ؛ إن أوجب نيلها إعراض الحبيب.
إنما نسب العامي باسمه واسم أبيه !!، فأما ذوو الأقدار فالألقاب
قبل الأنساب !!، قل لي : من أنت ؟! ، وما عملك ؟ !، وإلى أي مقام ارتفع
قدرك ؟! ، يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي.
بالله عليك أتدري من الرجل ؟!، الرجل والله : ( من إذا خلا بما
يحب من المحرم ، وقدر عليه ، وتقلقل عطشاً إليه ، نظر إلى نظر الحق
إليه ؛ فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه ، فذهب العطش ) !!.
كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي !، أو ما لا تصدق الشهوة فيه !
، أو ما لا تقدر عليه !.. كذا والله عادتك ! ، إذا تصدقت ؛ أعطيت كسرة
لا تصلح لك !، أو في جماعة يمدحونك !.
هيهات والله لا نلت ولايتنا ؛ حتى ( تكون معاملتك لنا خالصة ،
تبذل أطايبك ، وتترك مشتهياتك ، وتصبر على مكروهاتك ، علماً منك تدخر ثوابك
لدينا ، إن كنت معاملاً بأنك أجير وما غربت الشمس ، فإن كنت محباً رأيت
ذلك قليلاً في جنب رضى حبيبك عنك )... وما كلامنا مع الثالث.. !!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ملاحظة
: هذه الخاطرة شرحها ــــ شرحا ماتعا وجميلا ـــــ الشيخ : ( أبو إسحاق
الحويني ) ، في خمس حلقات على قناة : ( الناس الفضائية )، وأسماها : ( ترك
الهوى ؛ عز الدنيا ، وشرف الآخرة )