ينعكس الارتباك في الموقف الرسمي الأردني بشأن كيفية التعامل سياسيا مع الملف السوري، على القرارات المتعلقة بإنشاء مخيمات للاجئين السوريين في محافظتي المفرق والرمثا الحدوديتين مع سوريا.
وبينما قامت آليات تابعة لوزارة الأشغال الأردنية بتجهيز موقع مخيم في منطقة رباع السرحان بمحافظة المفرق لصالح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لم تمنح وزارة الداخلية الأردنية حتى الآن ترخيصا لافتتاح المخيم واستقبال اللاجئين فيه.
وينطبق ذات الوضع على مخيمين آخرين كانت جمعية الكتاب والسنة تنوي تجهيزهما في منطقتي الرمثا والمفرق بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية (جهة رسمية) وبتمويل من جهات خيرية سعودية وخليجية، حيث كشفت مصادر للجزيرة نت أن الحكومة الأردنية لم تسمح حتى الآن بافتتاحهما لاستقبال اللاجئين حتى الآن.
وقال مصدر مطلع للجزيرة نت إنه لا موافقة أمنية على افتتاح المخيمات على الحدود السورية مع الأردن.
ونقل المصدر عن مسؤولين أردنيين أن تقديرات أمنية وعسكرية نصحت الحكومة بالتريث قبل افتتاح مخيمات للاجئين السوريين، والاكتفاء الآن باستقبالهم وتوزيعهم على المدن الأردنية.
وحسب المصدر الذي فضل عدم ذكره، فإن التقديرات الأمنية لا تزال متحفظة على تجميع آلاف اللاجئين السوريين في مكان واحد، وهو ما قد يخلق مشكلات كبيرة.
مراكز التجمع
اللاجئون السوريون لا يتواجدون
بمدن الأردن الحدودية فقط (الجزيرة نت)
ولا يقتصر وجود نحو 25 ألف لاجئ سوري في الأردن –وفق تقديرات جمعيات أهلية- و4200 لاجئ مسجل لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إضافة إلى نحو 50 ألف سوري لا يصنفون في عداد اللاجئين، على المدن الحدودية مع سوريا.
وتكشف سجلات جمعيات الكتاب والسنة والمركز الإسلامي والهلال الأحمر أن التجمع الرئيسي للاجئين السوريين في الأردن هو العاصمة عمان وخاصة في وسطها. وتتواجد 500 عائلة سورية في مناطق غور الصافي جنوب الأردن تعيش داخل خيام في أجواء قاسية.
وقال رئيس جمعية الكتاب والسنة زايد حماد للجزيرة نت إن هذه عائلات عمال سوريين يحضرون إلى الأردن في مواسم قطاف بعض المحاصيل الزراعية ثم يعودون إلى سوريا.
ولفت إلى أنه مع تفاقم الأحداث في سوريا فإن عائلات هؤلاء العمال لجأت إلى الأردن من مناطق حمص ودرعا ودمشق، مما شكل عبئا على العمال الذين لم يجدوا غير الخيام لإيواء عائلاتهم نظرا إلى المردود المادي الضعيف جدا الذي يحصلون عليه.
وبحسب حماد فإن اللاجئين السوريين باتوا يتوزعون على مختلف المدن الأردنية، حيث توجد 250 عائلة في معان (250 كلم جنوب عمان)، و150 عائلة في الكرك (120 كلم جنوب عمان)، إضافة إلى مئات العائلات المتوزعة على مدن الزرقاء وإربد وجرش، إضافة إلى بعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
جنود منشقون"
اللواء موسى الحديد:
رفض الأردن افتتاح مخيمات للاجئين السوريين حتى الآن يعود إلى حسابات سياسية تتعلق بحسابات النظام الداخلية والخارجية التي ترفض حتى الآن القطع مع النظام السوري
"
وإضافة إلى اللاجئين السوريين المدنيين، يضع الأردن جنودا منشقين عن الجيش السوري في مكان تجمع خاص شمال البلاد، وتمنع السلطات الأردنية أي اتصالات لهؤلاء مع وسائل الإعلام أو المجتمع المحيط.
وبحسب الرئيس السابق لمركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية التابع للجيش الأردني اللواء المتقاعد موسى الحديد، لا وجاهة للحديث عن تقديرات أمنية تمنع إقامة مخيمات للاجئين السوريين على الحدود الأردنية السورية.
وقال الحديد للجزيرة نت "في التقدير الأمني الطبيعي، وجود مكان واحد يتجمع فيه اللاجئون السوريون أقل عبئا من توزع آلاف اللاجئين على مناطق متعددة، ووجود مخيم أفضل لحصر أعداد اللاجئين وطلب المساعدات من جهات دولية وعربية لصالحهم".
وعبر الخبير الإستراتيجي عن اعتقاده بأن قضية رفض الأردن افتتاح مخيمات للاجئين السوريين حتى الآن، "يعود إلى حسابات سياسية تتعلق بحسابات النظام الداخلية والخارجية التي ترفض حتى الآن القطع مع النظام السوري".
غير أن الناطق باسم الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري الدكتور موسى برهومة اعتبر أن "لا موقف حاسما في الأردن ضد إقامة مخيمات للاجئين السوريين". وقال للجزيرة نت إن "الأردن يتعامل بشكل ممتاز مع قضية اللاجئين السوريين، ويسمح لهم بالدخول والسكن ويعاملهم معاملة الأردنيين في التعليم والصحة، ولكن قضية المخيمات تحتاج إلى حسابات أكثر عمقا واتصالات عربية ودولية بشأنها".
ويعتقد مراقبون بأن الأردن الذي يواجه ضغوطا اقتصادية كبيرة بات يتحمل عبئا جديدا يتعلق بقضية اللاجئين السوريين الذين شهدت الأيام الماضية تضاعفا في أعدادهم مع اشتداد حملة الجيش السوري على المدن المختلفة، حيث تتحدث جمعيات خيرية عن تسجيل ما يصل إلى 125 عائلة يوميا منذ نحو أسبوع، غالبيتها تصل الأردن من خارج الحدود الرسمية بين البلدين.
المصدر:الجزيرة