كلمة حق
قررت ذات مرة أن أكتب مقالا لا أعرف موضوعه بل أتركه هذه المرة على حبري و حروفي فقلت لها :" أنا اليوم أصبحت ديمقراطيا ( ديمومة القراطيس و الأقلام ) لقد قررت إعلان عفو شامل على كل الحروف من الألف إلى الياء ، و عن الحبر الذي طالما أزعجته بتغميسات تدميه ، انتم الآن أحرار شكلوا ما شئتم من الكلمات ".
بعد لحظات من إعلان العفو لاحظت أن العفو حقا عند المقدرة ، لقد رأيت أنني كنت مخطئ حين حررت حروفي و حبري ، فدار و صال و جال بيننا شجار ، هم أرادوا أن يتحدوا ليكتبوا كلمة " الحُرِيَة " ، و أنا خوفا من كلاب السلطات منعتها بالممحاة و بالمكنسة محيت الممحاة كي لا يبقى أي حرف أية نقطة تدل على هذه الجريمة ، فقلت لها :" ارحمي حالي بعد مُرِ سنين ، اعف أنت عني و ارحمي شيخا في ثوب شاب ، لاقيني بإحسان كما لاقيتك بعفو ، يا حروفي قبري ارحمي إنسانا نهش لحمه نقاطك و شتت شمل حياته اتحاداتك ، يا اعوجاج لطريق سيدي المبجل المستقيم ، كفي عن تعذيب لساني بسوطك" .
سخرت مني ، تحدتني و رصعت أجسادها بصائغ أفكاري و حلت حبرها بخالص دمي و قالت :" أنت ربيتني هكذا ، أنت قومتني رغم اعوجاج ، أنت بسطتني رغم انغلاقي ، أنت علمتني أن أفرح حين أطعن لأنني حينها أجد الحبر الواضح القاني لتسطير حروف التاريخ على صفحات كراسة الحياة ، أنت علمتني أن الحياة وهم و هم و أن الزعيم المبجل فيها لعبة من خشب و أنا فيها جمرة تحرق الخشب نقطة نقطة ، ألا تذكر يوم أظهرتني للعلن أني أنا أنت ، فلماذا تظلمني يا أنا ، هل رأيت يوما مجنونا يظلم نفسه؟ ارحمني أنت و ارحم أولادك ، أتركني أكون كما أريد دعني أقول ما أراه ، دعني أحفر على حجر القلوب القاسي أفكاري لتبقى عارا يطارد الحكام المبجلين ، ألم ترى أن لديهم كلابا تحرس الأنفاس و الأحلام ، لكن أنت لديك أكثر لديك أعظم ، أنت يا أنا لديك حروف تتخطف من أفواههم فتكتبها بدمك الناطق بالحق لتكون سراجا لحياتك الأخرى أنت يا أنا
"** كَلِمَةُ حَقٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرْ **"
بقلم سارة بلباي