- الصيام سبب للتقوى: فالذي يترك المباح امتثالاً لأمر الله أسهل عليه ترك الحرام إذا أمر بذلك؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ) (رواه ابن خزيمة وابن حبان، وصححه الألباني).
ـ تفتح أبواب "الجنة ـ الرحمة" حقيقة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) (متفق عليه).
ـ نعمة عظيمة في هذا الشهر، فأبواب الجنة مغلقة لا تفتح إلا في تمام النعمة: قال -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا... ) (الزمر:73).
ـ يفتحها الله لهم بعد أن يستشفعوا إليه بأولي العزم من رسله وكلهم يتأخر عن ذلك حتى تقع الدلالة على خاتمهم وسيدهم وأفضلهم -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: (فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ... ) (متفق عليه). فيشفعه ويفتحها تعظيمًا لخطرها، وإظهارًا لمنزلة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكرامته عليه.
ـ وهنا يدرك الإنسان قيمة فتح أبواب الجنة في رمضان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
ـ إنها الجنة... التي اشتاق إليها الصالحون من هذه الأمة:
عمار بن ياسر -رضي الله عنه- يوم اليمامة، وهو واقف على صخرة يصيح: "يا معشر المسلمين... أمن الجنة تفرون؟! أنا عمار بن ياسر، هلموا إليَّ... ". وأنس بن النضر -رضي الله عنه- بلغ مِن يقينه بالجنة أن شم رائحتها يوم أحد قال: "إني أجد ريح الجنة من وراء أحد!". وعمرو بن الجموح -رضي الله عنه- يصر على القتال حتى بعد أن عذره الله بعرجته؛ طلبًا للتنزه في أرجاء الجنة قائلاً: "أحب أن أطأ بعرجتي الجنة". وأبو الدرداء -رضي الله عنه- يشتكي، وحين يعوده أصحابه في مرضه ويسألونه: "ما تشتهي؟ يقول: أشتهي الجنة!".
ـ إنها الجنة.. دار المجتهدين في ليل رمضان، الصائمين نهاره، المطعمين عباد الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ) (رواه أحمد وابن حبان، وحسنه الألباني).
فحـي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيـم
ولكننا سبي العدو فهل تـرى نعـود إلى أوطـانـنا ونـسـلـم
البركة الثالثة: (وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ):
ـ تغلق أبواب النار حقيقة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ) (متفق عليه).
ـ نعمة عظيمة في هذا الشهر: فأبواب النار مفتحة طوال العام لا تغلق إلا في رمضان، قال الله -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) (الزمر:71).
إنها النار... التي يحطم بعضها بعضًا: قال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ) (متفق عليه). وقال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) (رواه مسلم).
إنها النار...
ـ التي ينغمس فيها أنعم أهل الدنيا لحظة فتنسيه كل نعيم رآه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا، وَاللهِ يَا رَبِّ) (رواه مسلم).
ـ النار... التي أعد الله فيها من العذاب الشديد لأهلها ما أعد: قال -تعالى-: (إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (غافر:71). وقال -تعالى-: (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) (الحج:21). وقال -تعالى-: (كَلا إِنَّهَا لَظَى . نَزَّاعَةً لِلشَّوَى) (المعارج:15-16). وقال -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ . لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ . لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (المدثر:27-29). وقال -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ . نَارٌ حَامِيَةٌ) (القارعة:10-11).
ـ نعمة عظيمة يتفضل بها على عباده في هذا الشهر المبارك: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ) (متفق عليه).
قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر). تلك الليلة المشهودة، كثيرة البركات، إنها ليلة الهدايا والعطايا من الكريم الجواد، ومن ذلك:
ـ من قامها مؤمنًا محتسبًا نال المغفرة لما سلف: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (رواه البخاري ومسلم).
ـ ومن ذلك: كثرة الملائكة التي تنزل فيها إلى الأرض: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَابِعَةٍ أَوْ تَاسِعَةٍ وَعِشْرِينَ إِنَّ المَلاَئِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الحَصَى) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).
ـ ومن ذلك: أنها سلام حتى مطلع الفجر لأهل الدنيا من المؤمنين: قال مجاهد: "(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ): سلام أن يحدث فيها داء أو يستطيع شيطان أن يعمل فيها سيئًا".
ـ كان السلف يخصون ليلة القدر بمزيد اهتمام: فهذا ثابت البناني يلبس أحسن ثيابه ويتطيب، ويطيب المسجد بالنضوح في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر.