( إتقان العبادة والاستكثار منها فِي شهر رَمَضَانَ )
ـ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد:
ـ فمما لا شك فيه أنه إذا قدم علينا شهر رمضان أن نستغله أحسن استغلال ، ولا نفرط في أي وقت منه ليلاً كان أو نهاراً.
ـ وأعظم الأعمال في شهر رمضان ( الصيام ، والقيام ، وقراءة القرآن ) ، ولو
تدبرنا هذه الأعمال وفهمناها جيداً وصلنا إلى روح الصيام وإلى أعظم
معانيه التي ذكرها الله تعالى في قوله: (لعلكم تتقون)
ـ ولكننا للأسف ـ إلا عند من رحمه الله تعالى ـ نخطئ في تطبيق هذه الأعمال
العظيمة ، فنؤديها بلا تدبر واشتياق لها ، فنتمنى مجيء غروب الشمس أو
الانتهاء من قراءة جزء القرآن أو الانتهاء من صلاة القيام ، فنحاول قتل
الوقت في الصيام بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والمباريات ، ونغفل كثيراً عند
قراءة الجزء من القرآن، ونستثقل قراءة الإمام في صلاة القيام وربما
تدبرنا الدعاء في الوتر أكثر من تدبرنا لآيات الذكر الحكيم.
ـ فتصبح هذه الأعمال أموراً تقليديّةً ، بلا فائدة تذكر إلا أننا في
النهاية نذكر أننا صمنا ثلاثين يوماً ، وقمنا رمضان كاملاً ، وقرأنا
القرآن مرة أمرتين أو ثلاث مرات، ولم نخرج من رمضان ونستشعر صفة التقوى
المرجوة اكتسابها في هذا الشهر الكريم.
ـ وكما أن صلاة الفريضة لها سنن بداخلها وخارجها ليزداد خشوع المرء في
هذه الصلاة التي يؤديها ولتنهاه عن الفحشاء والمنكر ، فكذلك للصيام آداب
وأمور تجعل المرء يؤدي شهره بخشوع وتدبر وتفكر ، فيستشعر أن هذا الشهر ليس
كغيره من الشهور....
ـ فلذلك حثّ الشارع على العُمرة والاعتكاف خصوصاً في العشر الأواخر منه
لينال المرء أعظم درجات التقوى ، والكل يعمل حسب ما يريد أن يصل إليه.
ـ أضف إلى ذلك أبواباً من الخير يفعلها المرء زيادة في حسناته واهتماماً باستغلال أوقاته بما ينفعه في آخرته...
كالسواك ، والصدقة ، وزيارة المرضى ، وصلة الأرحام ، وتفطير الصائم ،
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعلم العلم الشرعي ، وتعجيل الفطر
وتأخير السحور ، وذكر الله واستغفاره ، والإفطار على الرطب أو التمر أو
الماء ، والتسحر على التمر ، والمحافظة على الصلاة في وقتها جماعة ، وعلى
سننها الرواتب ، والجلوس في المسجد للذكر بعد صلاة الصبح والعصر والمغرب
ومطلقاً ، والدعاء بعد الإفطار، وبين الأذان والإقامة ، ويوم الجمعة ،
ومطلقاً ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتوزيع الكتاب والمطوية
النافعة.
ـ وبعد الانتهاء من الشهر الكريم جاءت زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو
والرفث ، وطُعمة للمساكين، وبعد ذلك يذهب المرء لأداء صلاة العيد في
المصلى.
ـ ثم رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام ست من شوال ليكون الإنسان
في عبادة دائمة مع ربه، لاسيما وإنّ الصيام من العبادات التي لا يطلع
عليها أحد.
وبهذا يكون المرء قد استشعر روح الصيام وفهم معانيه العظيمة التي يزداد بها العبد إيماناً وتعلقاً بالله عز وجل.
د/ أبو مسلم خالد مصطفى الوكيل