صرخة الأصم
حتى الأعمى عندنا يقول "أنا لست أعمى لكن الظلام قد عم " ، هناك من إذا سمع هذه الجملة و هو لا يعرف الحال الذي يعيشه هذا الأعمى ربما سيجول في خاطره أنه يعيش في القطب الشمالي حيث يدوم الليل ستة أشهر ، و هناك من يظن أن البلد الذي يعيش فيه هذا فقير جدا لدرجة أنه أطفأ كل الأنوار حتى نور الشمس ، و هناك من سيظن أن هذا الشخص مجنون و أنه عالة يريد أن يلقي باللائمة على غيره .
و لكن ربما قال هذا الأعمى كلمة حق ، ربما هذا الأعمى عربي مبصر لما حوله ، فكان ظلم الحكام بالنسبة له ظلمة ، أو ربما كان من معتقلي الحرية الذين دخلوا بأعين تبصر و قلوب تعقل و خرجوا منها بلا عيون لكن ما لا يمكن نزعه هو القلب العاقل الذي يعوض كل حاسة أخرى .
أو ربما كان هذا الأعمى هو حاكمنا المبجل الذي لقب بالأعمى لأنه لا يرى هموم العباد و لا حال البلاد ، فقال أن الظلام هو السبب أو ربما السبب هو سونطراك التي قطعت الكهرباء لمدة غير معلومة .
أو ربما هو أنا و أنت و أنتم ، ربما هو نحن اللذين اعتدنا أن نلتمس لأنفسنا أعذارا واهية فقط لنحس برضى عن أنفسنا مزيف ، ربما هو نحن اللذين لا نفهم أنفسنا، لا نعرف ماذا نريد، لا نعرف ماذا يجب علينا و ما هو لنا ، ربما أصبحنا كالأصم الذي يصرخ لكنه لا يسمع نفسه .
بقلم سارة بلباي